إن ما تشهده الألفية الثالثة من نمو متسارع في المعطيات المعرفية و التقنية
والمعلوماتية وانتشار شبكة الانترنيت وغيرها على نحو متسارع، أدى إلى تغير جدري في
ممارسة المهام الإدارية، إذ أصبحنا نسمع مصطلحات مثل الإدارة الإلكترونية،
والحكومة الإلكترونية و النقود الإلكترونية والتجارة الإلكترونية و التعليم
الإلكتروني، وغيره من المفاهيم الحديثة، حيث يبدو أن تحسين الأداء في الإدارة لن
يتم بدون الثورة االإلكترونية. فما هي إذن الإدارة الإلكترونية ؟
الإدارة الإلكترونية هي تحويل كافة الأعمال و الخدمات الإدارية التقليدية من طول
الإجراءات واستخدام الأوراق، إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفد بسرعة عالية ودقة
متناهية، باستخدام تقنيات الإدارة ، وهو ما يطلق عليه إدارة بلا أوراق. فهي وسيلة
لرفع مستوى أداء الإدارة لتحقيق الكفاءة و الفعالية ، وليست بديلا عنها ولا تهدف
إلى إنهاء دورها، وهي إدارة بلا ورق إذ تستخدم الأرشيف الإلكتروني والأدلة
والمفكرات الإلكترونية والرسائل الصوتية. وهي إدارة بلا مكان وتعتمد وسائل الاتصال
الحديثة ، كما أنها إدارة بلا زمان، إذ تعمل 24ساعة –7 أيام -365 يوما في السنة ،
أي أن العالم يعمل في الزمن الحقيقي 24 ساعة. بحيث تقوم على أحدث وسائل الإتصال
التي تتطلب بنية تحتية مناسبة وقادرة على إستعاب المستجدات في هذا المجال، إضافة
إلى موظفين يتمتعون بقدرات وعـقليات متفتحة للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة.
فلابد من توظيف العناصر الماهرة وإشاعة ثقافة التدريب، ونشر الثقافة الإلكترونية
المبسطة و المتقدمة، وبالمقابل أيضا لابد وأن يكون المواطنون أو المتعاملون مع
الإدارة قادرين على استخدام االتقنيات الحديثة و أن يقدموا معاملاتهم عبر
الانترنيت أو الهاتف النقال، لذلك وجب توعيتهم بفوائد الإدارة الإلكترونية و
فوائدها.إن هذا التحول في أنماط الإدارة مسألة في غاية الأهمية و على وجه التحديد في الدول النامية، إذ أن التحول التنموي بكل معانيه و مضامينه الإقتصادية و السياسية و الحضارية يستوجب عناصر السرعة والدقة والإتقان في الأداء .
ويعتبر المغرب من هذه الدول التي تسعى إلى التطور والنمو السريع إلى الجودة و المردودية في الإنجاز وتحسين أداء الخدمات الإدارية وهذا الإهتمام تجسده الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة المنظمة من لدن كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات الإتصال و الإعلام يوم 23أبريل2001 تحت عنوان "الإستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع الإعلام و المعرفة" حيث جاء فيها ما يلي: وسيظل إصلاح الإدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا، إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الأنترنيت، لتمكينها من الإنخراط في الشبكة العالمية و توفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات الأفراد و المقاولات .
ومما سبق، فإن أهم تحدي يواجه الإدارة العمومية المغربية لكي ترتقي بعملها من عمل تقليدي إلى عمل حديث، هو إستعمالها لتكنولوجيا المعلومات و الإتصال، لذلك فهي تعمل جاهدة لتوظيف إمكانياتها المادية و البشرية للاستفادة من هذا المجال الحيوي مبكرا، قبل أن تخرج من حلبة السباق وتبقى إدارتها منعزلة و منغلقة على نفسها بالتأخر في استعمال تكنولوجيا المعلوميات و الاتصال التي أصبح لا غنى عنها.
Commentaires
Enregistrer un commentaire